
يُسرى عبّاس هي رائدة أعمال ومديرة التسويق الإقليمية في مؤسسة هوت كوسس حصلت على منحتين دراسيتين في أمريكا وبريطانيا، تمتلك يُسرى سيرة أكاديمية مُحفّزة ولذا قمنا بإجراء هذا الحوار معها.
• مرحبا يُسرى، بداية الأمر هلّا تحكين لنا باختصار رحلتك الدراسية في الخارج منذ بدايتها؟
اسمي يُسرى عبّاس، فلسطينية وأعيش في رام الله منذ أن كنت في السابعة من عمري وحتّى تخرّجي من مدرسة Friends Boys الثانوية، ثم انتقلت إلى نيويورك بعد أن حصلت على منحة دراسية كاملة في كلية مانهاتن فيل Manhattanville College لدراسة العلوم السياسية.
خلال سنتي الأخيرة في كليّة مانهاتن فيل التحقت بالعديد من الدورات الإعلامية وأدركت أنّ التسويق هو الأمر الذي أحب القيام به، وقرّرت حينها أن أسعى للحصول على وظيفة في التسويق.
بعد 5 سنوات، حصلت على منحة والتي سمحت لي الالتحاق بجامعة ميدلسكس البريطانية Middlesex University ودراسة التسويق الرقمي في مرحلة الماجستير.
• لا شك أنّ الجامعات الفلسطينية تمتلك سمعة أكاديمية لكنّك اخترتِ الدراسة في أمريكا، لماذا؟
لم اكن أرغب بدراسة العلوم السياسية في فلسطين حيث كان مُتوقعّاً ما هي الآراء والنظريات التي سأدرسها في الجامعة، لكنّي حيث كنت أبحث عن وجهات نظر مُختلفة في هذا المضمار وبالتالي تعلّم المزيد عن هذا المجال.
بالإضافة إلى الفوائد الأكاديمية، فقد أردت تجربة ثقافة مُختلفة والتعرّف على أشخاص من مجتمعاث وثقافات أخرى والاعتماد على نفسي أكثر. هذا هو أبرز ما دفعني للدراسة في الخارج.
• حسب تجربتي ككاتب في هوت كورسس فإنّ الطلّاب العرب يُفضّلون دراسة الطب والصيدلة والهندسة، لكنّك قرّرت الاتجاه بعيداً واختيار تخصّص بعيد عن تلك المجالات. سؤالي هو لماذا درستِ العلوم السياسية تحديداً؟
دراسة تخصصات مثل العلوم السياسية والقانون هو أمر شائع بين الفلسطينيين، حيث أنّنا نُولد بالكثير من الوطنية ونشعر بالحاجة للدفاع عن أنفسنا وشرح قضيتنا للعالم.
بالحقيقة، لقد استمتعت كثيراً في دراسة العلوم السياسية لأنّني تمكّنت من استكشاف طريقة عمل الحكومات وكيفية إقراراها للسياسات. لقد حصلت على درجة A في مُقرّر العلاقات الدولية بسبب تقارير يومية أقوم بكتابتها حول الأحداث السياسية الجارية.
• كيف تُقيّمين دراستك في أمريكا؟ وما هي أبرز العقبات التي واجهتكِ أثناء فترة الدراسة؟
يمكنني أن أقول بثقة أنّ تجربة دراستي في الولايات المُتحدّة الأمريكية تستحق درجة 10/10. أكاديمياً، فقد كنت حريصة على التعلّم وقد حصلت بالفعل على مُعدّل مُرتفع جدّاً. بالإضافة إلى ذلك، فقد كوّنت العديد من الصداقات المديدة خلال فترة دراستي مع أصدقاء من إيطاليا وأثيوبيا والبرازيل وبورتوريكو وغيرها.
أمّ التحدّي الأكبر الذي واجهته هو المسافة عن الوطن والعائلة كما أنّ الفارق الزمني جعل من التواصل مع عائلتي صعباً بعض الشيء، عندما تكون مريضاً فأنت بالتأكيد بحاجة إلى أسرتك لدعمك. بخلاف ذلك لم اجد أيّ صعوبة في التكيّف مع الثقافة الأمريكية وأسلوب الحياة هناك.
• بعد انتهاء فترة دراستك في أمريكا قُمتِ بالانتقال إلى بريطانيا ودراسة مرحلة الماجستير هناك، لماذا قُمتِ بهذه الخطوة عوضاً عن البقاء في أمريكا بعد قضيتِ عدّة سنوات هناك؟
بعد أن حصلت على درجة البكالوريوس من جامعة مانهاتن فيل الأمريكية، عُدت إلى فلسطين وبقيت هناك 5 سنوات قمتُ خلالها بتأسيس شركتي الخاصّة وهي وكالة إعلانية تحمل اسم "هكذا للإعلان" وما زالت مُستمرة بالعمل بنجاح حتّى اليوم.
من ناحية أخرى، فإنّ بريطانيا – مقارنة بأمريكا – أقرب إلى فلسطين وبذلك سأكون قادرة على زيارة عائلتي بسهولة وبشكل مُتكرّر.
• في البداية درستِ العلوم السياسية ثم قرّرت الاتجاه إلى مجال مُختلف كُليّاً وهو التسويق، لماذا هذا التغيير الكبير؟ ولماذا التسويق؟
تأسيس شركة "هكذا للإعلان" فتحت لي آفاق جديدة واكتشفتُ حينها اهتمامي بالتسويق. بالحقيقة، فإنّ التسويق هو مجال يتطوّر باستمرار وعمل غير روتيني، وهو ربّما ما دفعني لأن أحبّ هذا المجال والتفكير بدراسته أكاديمياً.
خلال 5 سنوات من العمل في "هكذا" حصلت على خبرة جيّدة في التسويق التقليدي وبدأت بالفعل البحث عن تحدّي جديد، هذا التحدّي هو التسويق الرقمي والذي أدرتُ تعلّمه.
• هل تعتقدين أنّ دراسة مجالات مُختلفة قد تفتح المزيد من الآفاق الوظيفية؟ شاركينا تجربتك.
نعم، أعتقد أنّ دراسة موضوعات مختلفة يمنحك نظرة عامّة على ما ترغب أو لا ترغب القيام به خلال حياتك المهنية.
كلّما تقدّمنا بالسن كلّما تغيّرت اهتماماتنا وأصبحنا أكثر انفتاحاً لما نريد القيام به، وهذا ما كنتُ عليه حيث أردتُ استكشاف مجال التسويق والعمل به رغم أنّي لم أكن أمتلك أيّة خبرة حينها.
• دائماً ما تصلنا في هوت كورسس أسئلة من نوع "أيّهما أفضل للدراسة، بريطانيا أو أمريكا؟". بناء على خبرتك، كيف يُمكنكِ أن تجيبي عن هذا السؤال؟
هذا سؤال صعب للغاية ولا يمكن الإجابة عليه بطريقة بعينها حيث أنّ هذا الأمر على اهتمامات الطالب وتوقعّاته أثناء تقديم الطلب. بالنسبة لي فإنّ الدراسة في بريطانيا كانت أكثر صعوبة من الناحية الأكاديمية كوني مُعتادة منذ المدرسة الثانوية على نظام التعليم الأمريكي القائم على التحيليل بشكل رئيسي.
كلتا التجربتين كانتا مميزتين وكل دولة تملك نكهتها الخاصّة، لذا لا يمكنني تفضيل واحدة منها على الأخرى.
• عادة ما نتحدّث عن إيجابيات الدراسة في الخارج، لكنّني أريد أن أسألك هذه المرّة عن التحدّيات والعقبات التي واجهتكِ طوال فترة دراستك في أمريكا وبريطانيا.
كما أخبرتك سابقاً فإنّ العيش بعيداً عن العائلة هو التحدّي الأكبر أثناء الدراسة في الخارج. أمّا من الناحية الاجتماعية، فإنّ بناء العلاقات في الدول الغربية بما فيها امريكا وبريطانيا مُختلف عمّا هو موجود في الدول العربية، حيث يجب عليك الحكم على الشخص بناء على علاقاتهم معك.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ إدارة النفقات المالية تُعتبر من أكبر التحديات التي قد يواجهها الطالب الدولي خلال فترة دراسته، أتذكّر أنّني خلال سنتي الأولى في الولايات المُتحدّة أنفقت مُخصّصات 3 أشهر خلال شهر واحد فقط! حينها تعلّمت بالطريق الصعبة كيف أكون قادرة على التحكّم بقدرتي على التسوّق وإنفاق الأموال على أمور غير ضرورية.
أحد الجوانب الأخرى من التحدّيات التي واجهتني هي الطبخ! خلال بداية حياتي في أمريكا كنتُ بالكاد قادرة على إعداد طبق من البيض المقلي.
• هل لديكِ شيء أخير تودّين إضافته؟ وما هي النصائح التي ترغبين بإعطائها للطلّاب العرب الذين يرغبون بالدراسة في الخارج؟
أولاً، أودّ أن تشكّل تجربتي هذه حافزاً للطلّاب العرب وتدفعهم للتفكير جدّياً بالدراسة في الخارج. هناك عشرات المنح الدراسية الموجّهة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حاول دائماً بالحصول على إحداها فليس لديك ما تخسره.
أمّا النصيحة التي أرغب بتقديمها للجميع هي أن تحلم بالحصول على التعليم الذي ترغب به وعندها ستكون قادراً أن تصل إلى أبعد مدى، أيّاً كان ما تريد أو تفكّر بدراسته ستستطيع ذلك بالتأكيد!
إذا كنت تنوي أن تبدأ رحلتك الدراسية قريباً، فأنصحك باتباع الخطوات التالية:
ابحث عن التخصصات التي ترغب أنت بدراستها وليس تلك التي تهمّ الأشخاص الذين حولك.
حدّد الوجهة التي تعتقد أنّها ستضيف قيمة كبيرة إلى حياتك المهنية في المستقبل، ولا تختر مدينة للدراسة فيها فقط لأنّك تحب العيش فيها.
ابدأ التقديم فوراً! استغل كل فرصة للتقديم لجامعة ما ولا تخف من رسائل الرفض فحتماً سيحدث ما تنوي القيام به. وحظّاً موفقاً للجميع في رحلة الدراسة في الخارج.