وفاة مؤسس سنغافورة الحديثة
فقدت سنغافورة الأب الروحى ومؤسس نهضتها الحديثة " لى كوان يو " عن عمر يناهز ٩١ عام فى الإثنين الموافق٢٣ مارس لعام ٢٠١٥ .
شغل لى كوان منصب رئيس وزراء البلاد لمدة ٣٣عام لكنه استمر فى العمل الحكومي حتى عام ٢٠١١ وكان سبب وفاته هو إصابته بإلتهاب رئوي حاد مما استدعى نقله للمستشفى فى شهر فبراير لتلقى العلاج ووضعه تحت أجهزة التنفس الصناعى بوحدة العناية المركزة.
هذا وقد أعلنت دولة سنغافورة الحداد الوطنى لمدة ٧ أيام وقد تعددت أصداء وفاة الزعيم حول العالم وتنوعت برقيات التعازى والتأبين من كل قادة ورؤساء وزعماء دول العالم بوصفة أحد عمالقة التاريخ .
تخرج لى من جامعة كامبرديج فى تخصص المحاماة وله كل الفضل فى النهوض السريع لسنغافورة حتى أصبحت من أهم المراكز المالية والتجارية ومن أغنى دول العالم وهو أحد المشاركين فى تأسيس حزب العمل الشعبي الذى يحكم سنغافورة منذ عام ١٩٥٩ وقائدها منذ انفصالها عن ماليزيا عام ١٩٦٥ .
وقد قاد لى حزبه للإنتصار فى الإنتخابات فى الفترة ما بين ١٩٥٩ إلى العام ١٩٩٠ وهو أول رئيس لجمهورية سنغافورة عين وعمره ٣٥سنة وقاربت فترة حكمه ٣١ عام.
حيث ساهم فى تلك الفترة بالنهوض السريع لسنغافورة حتى أصبحت مركزا عالمياً مالياً وتجارياً خلال ثلاثة عقود ويعتبر" لى" أحد أهم القادة الآسيوين العظماء والأب المؤسس لسنغافورة .
وبرحيل هذا القائد العظيم والمؤسس لسنغافورة فقد العالم أهم الأشخاص البارزين والمؤثرين فيمن حوله بلاشك.
وبنظرة مقربة على مدى تأثير هذا القائد العظيم نجد أنه قد حول الجزيرة الصغيرة جدا فى قارة آسيا والتى كانت مرتعاً للمهربين ولا يزيد أهميتها على أنها مجرد مركز للصيادين الفقراء إلى هذا الصرح الإقتصادى والمالى العملاق . فلقد تم احتلال الجزيرة سابقا من الإمبراطورية الإنجليزية وعند استقلال دولة ماليزيا رفضت ماليزيا أن تكون سنغافورة جزءا منها ومنذ هذا الوقت وقد حمل "لى كوان" على عاتقة النهوض بجزيرته التى لا تملك أى مقومات الدولة فى هذا الوقت حسب رأيه آن ذاك. فلم يكن هناك شعب متجانس ولا لغة أو ثقافة مشتركة تجمعهم ولا حتى هدف واحد مشترك للعمل على بلوغه من جانب القاطنين هناك
لذلك عمل لى كوان على النهوض بدولته من اليوم الأول وكان دائما ما ينادى بما يسمى (القيم الآسيوية )وهى تلك المفاهيم الأخلاقية والسلوكية المختلفة تماما عن القيم والعادات الغربية فهى تقلل من أهمية الحرية للأفراد لو تعدت هذه الحريات فى التعبير على حساب مصلحة المجتمع وهو الذى يشمل مصلحة كل الأفراد وليس فرد واحدا حسب رأيه؟
عمل دائما على تحسين وتطوير المواطن والفرد السنغافورى وكان دائما ما ينادى بشكل دائم على أهمية تنمية الذات بشكل مستمر والتركيز على أن ذلك من القيم الأساسية التى يجب مراعاتها دائما داخل كل فرد. كان دائما ما يدفع مواطنيه على الابتسام بشكل دائم وتعلم اللغة الإنجليزية والنظافة الشخصية وفى عهده تحولت سنغافورة الى أحد أجمل وأنظف البلاد فى وقت قياسى بل ومن أهم بلاد المدنية والتطور العمرانى والرفاهية والمعيشة الرغدة .
وقد قام" لى كوان" بتأليف كتاب ( الإنتقال إلى العالم الأول ) والذى يعتبر من أهم الكتب السياسية والرائدة أيضا فى عالم الإقتصاد والإجتماع والذى بلور فيه وجهة نظره فى الحكم والسياسة.
رحل هذا الرجل العظيم عن الحياة وهو فى قمة المجد السياسى وامتنان شعبة لكل ماقدمه لبلاده بل وبتقدير العالم أجمع لرجل لولا جهوده ما كانت سنغافورة بكل عظمتها الآن .