الثقافة الأمريكية ..إنصهار الاختلافات يولد حضارة عظمى
الحديث عن الثقافة الأمريكية ، يعد نوعا من المبالغة في هذا العصر ، فأغلب شعوب الأرض تعرف العديد من جوانب الثقافة الامريكية ، نظرا للانتشار الإعلامى الهائل للولايات المتحدة فى كافة أقطار الأرض ، سواءا عن طريق الأفلام او الآلات الإعلامية أو المسلسلات أو حتى الصناعات التى تحمل الطابع الامريكي..
يتحدث الأمريكيون اللغة الإنجليزية باللهجة الأمريكية كلغة رسمية للبلاد ، الى جانب تواجد كل لغات العالم تقريبا على التراب الأمريكي ، وذلك لأن المجتمع الأمريكي يضم كل الأعراق والاجناس العالمية بدون أي استثناء ..ستجد الأمريكي العربي الى جانب الأمريكي الصيني الى جان الأمريكي الاوروبي والأمريكي اللاتيني ، يعيشون على نفس الأرض ولهم نفس الحقوق ونفس الواجبات..في الوقت الذي يمارس كل منهم قيمه وعاداته وتقاليده وعقائده الفكرية والدينية بدون قيود
يبلغ تعداد سكان الولايات المتحدة حوالي ال300 مليون نسمة ، الذين يعيشون على أراضي شاسعة تعد ثالث أكبر مساحة فى العالم بعد روسيا وكندا ..وتعتبر قيم المجتمع الأمريكي قائمة على الثقافة الغربية على الأساس الأول ، لأن بذرة تكوينه الأساسية بمفهومها الحالى كانت من هجرة الآلاف من الاوروبيين الى هذه الأراضي ، وبالتالى أصبحت غربية الهوى والثقافة ، رغم كونها مشتملة على مزيح متعدد من الثقافات والقيم والعادات والتقاليد ، بسبب الهجرة المتدفقة اليها من كافة أقطار العالم ، أو الوافدين اليها للاقامة والعمل أو سكانها الأصليين من الهنود الحمر
جوهر الثقافة الأمريكية يشتمل على عناصر الحرية المطلقة ، والمنافسة العسكرية والعلمية، والهيكلة السياسية الديموقراطية ، وحرية التعبير، والإمكانيات المادية والمعنوية..ويمكن القول أن كل هذه العناصر التى قامت عليها الثقافة الأمريكية ، استطاعت أن تحقق هذه الطفرة فى كافة المجالات لسبب رئيسي ، هو هجرة العقول العلمية والادبية والثقافية والاقتصادية من أوروبا تجاه الشاطئ الأمريكي ، فى الوقت الذي كانت أوروبا وأغلب دول العالم تحت وطأة الحرب العالمية الثانية ..الأمر الذي جعلها تستحق وقتها – ومازالت الى حد بعيد – وصف " أرض الاحلام " ..
عندما تكون في أمريكا ، فمن المستحيل تقريبا ألا تلاحظ الثلاثية التى تعبر عن روح المجتمع الأمريكي على المستوى الجماعى : البيسبول وفطيرة التفاح وعيد الاستقلال..هذه العناصر الثلاثة يتمسك بها أي أمريكي مهما كانت أصوله أو خلفيته أو اعتقاداته ، فالبيسبول تعد الرياضة الوطنية حتى بعد تراجعها شعبيا لحساب كرة القدم الأمريكية Football العنيفة التى لاتكف فيها عن مطادرة اللاعب الممسك بالكرة باستماتة !..هذه الرياضة ربما تعتبر بالنسبة لنا غريبة إلا أن لها شعبية ضخمة فى الولايات المتحدة..!
العنصر الثاني هو فطيرة التفاح التى تعد الوجبة الأكثر شعبية فى أمريكا ، رغم انتشار الأكلات السريعة والمعروف بها الامريكيين على مستوى العالم..أما العلم الامريكي فتراه فى أغلب الشوارع والمنازل كرمز يعبر عن روح الانتماء الى الوطن المتمثل فى هذا العلم ، خصوصا فى الرابع من يوليو من كل عام الذي يشير الى عيد الاستقلال الأمريكي ، ويكون مصحوبا باحتفالات صاخبة تغطي انحاء الولايات الخمسين الامريكية..
ويمثل الإعلام جانبا عملاقا من الثقافة الامريكية ، يمكنك أن تميز ضخامته عندما تعرف ان أكبر خمس تكتلات إعلامية في العالم يقع مقرها الولايات المتحدة .. الى جانب الصرح السينمائي الضخم " هوليود Hollywood " الذي يعتبر المصّدر الأول للثقافة الأمريكية لكافة دول العالم بطريقة تلقائية تعبر عن روح المجتمع الأمريكي مباشرة دون الحاجة الى تلقينها للشعوب الأخري..وهي واحدة من أهم نقاط القوة الأمريكية الاستراتيجية بالتأكيد إن لم تكن أهمها على الإطلاق..
العرب يشكلون قوة مؤثرة فى الولايات المتحدة ، حتى بعد الأحداث السياسية العنيفة فى مطلع القرن ال21 ، إلا أنهم يظلون احد عناصر تكوين المجتمع الامريكي المعاصر شانهم فى هذا شان الزنوج واللاتينيين والآسيويين وغيرهم ، وخرجت من بينهم رموزا مبهرة أضافت الكثير للواقع الأمريكي ، سواءا عن طريق العلماء والساسة والمفكرين والمدراء وغيرهم..وينحدر العرب الامريكيون من كافة أنحاء الوطن العربي خاصة من دول الشام ومصر والمغرب العربي ، وأكبر تجمعاتهم فى موجودة فى ولايات كاليفورنيا وميتشيجان ونيويورك.
أمريكا فى المجمل اكتسبت قوّتها من قدرتها على صهر الاختلافات والتعددات بداخلها ، وإبراز أفضل مايستطيعون تقديمه لكافة أشكال النهضة..ورغم أن هذه الاختلاف قد يبدو كنوع من أنواع التناقضات أحيانا ، إلا أنه يظل مفتاح السر للتقدم الأمريكي حتى هذه اللحظة..
تحدّث مع كورو
