لا شك أن الطالب العربي بمجرّد أن يضع قدميه على أراضي بريطانيا ، يكتشف أن رحلته لم تكن مجرّد انتقال بين بلدين ، بل انتقال بين ثقافتين مختلفتين ، مما يستدعي أن يكون له قابلية لتفهم هذا الإختلاف ، طوال فترة دراسته على الاراضي البريطانية..
جوهر الثقافة البريطانية هو جزء أصيل من الثقافة الأوروبية ، ومكوّن رئيسي من مكوّناتها ، باعتبارها كانت - ومازالت - أحد أهم وأعظم الدول الأوروبية على الإطلاق ، وتعتبر مركز ثقل كبير للقارة ، في كافة النواحي الثقافية والعلمية والاكاديمية والإقتصادية ، فضلاً عن النواحي السياسية الذي يعرفها الجميع..
اذا كنت فى طريقك للدراسة فى بريطانيا ، او تنوي الدراسة بها ، أو حتى تريد الإقامة بها ، فيجب عليك أن تعرف الحد الادنى من طباع هذا الشعب وثقافته ، التى تختلف كثيراً عن طباعنا العربية ساخنة الدماء ، في الكثير من الأمور !
بريطانيا بلد متعدد الثقافات الى حد مذهل ، فبعض الشوارع فى كافة المدن تجعلك تشك أنك فى بريطانيا أساساًَ ، وأنك انتقلت فجأة إلى ( مومباي ) أو ( إسلام أباد ) بسبب كثرة الهنود والباكستانيين فى مناطق معيّنة..ناهيك عن رؤيتك لمزيج مدهش من كافة العرقيات والجنسيات أمامك طوال اليوم ، مما يعطي أي زائر أو مقيم فى هذا البلد ، فسحة من الثقة بالنفس ، بأنه ليس غريباً فى هذا البلد المتنوّع جداً فى تكوين مجتمعه..
ولكن تأكّد تماماً ، ان كافة هذه الجنسيات والعرقيات ، انصهرت فى المجتمع البريطاني ، بطريقة جعلته يكتسب طباعه وعاداته وتقاليده العريقة !
اللهجة البريطانية :
الكثير من العرب يجدون اللهجة البريطانية محببة جداً ، ربما لأنها تتميّز بالضغط على الحروف بشكل كبير ، فتبدو الكلمات واضحة بشكل ما بالنسبة للعرب الزائرين لبريطانيا للمرة الأولى.. إلا أن البعض الآخر يعتبر أن اللهجة البريطانية تدعو للإنتحار فعلاً ، ولا يستطيع أبداً أن يستوعب لماذا يضغط البريطانيون على الحروف بهذه الطريقة.. ( التطجين ) في الكلمات هو أكثر المصطلحات مناسبة لوصف اللهجة البريطانية..
على أية حال ، الإنجليزية البريطانية تحتوى على عدة لهجات محلّية ، كلها تدور حول " التطجين " أيضاً ، الأمر الذي سيجعلك تتحدّث بذات الطريقة بلا شك ، سواءاً كنت تفضّلها أو لا تطيقها !
لماذا وجبة العشاء تحديداً ؟!
العشاء هو أهم وجبة بالنسبة للغربيين لسبب غير مفهوم .. كل الدعوات تقريباً ، والزيارات تكون في موعد وجبة العشاء .. هذا فى المجتمعات الغربية العادية ، فما بالك بالمجتمع البريطاني الذي يعيش على إرث هائل من الارستقراطية والالتزام بالموروث البريطاني !
دعك من أن وجبة العشاء عادة ماتكون الساعة السابعة مساءاً ، باعتبار أنهم ينامون فى التاسعة او العاشرة.. بالنسبة لنا معشر العرب ، هذا التوقيت يعتبر نوع من المزاح الثقيل .. الساعة السابعة بالنسبة لأكثرية العرب ، هي بداية اليوم غالباً..
عموماً ، ستتعوّد على هذه المواعيد بلا شك ، وسوف تعود إلى بلادك وأنت تقدّس وجبة العشاء دون أن تتوصل الى السبب الذي يولّيها هؤلاء لهذه الوجبة تحديداً !
التعاملات :
دائماً ماتسمع عن " البرود البريطاني " .. الحقيقة أن هذه ليست سُبّة أو نوع من التقليل للمجتمع البريطاني.. إلا أنه يجب أن تعرف ان الدم الساخن العربي ، الذي ينفعل سريعاً ، ويضحك بأعلى عقيرته ، ويتأثر سريعاً ويصفو سريعاً .. هذه الصفات ربما تثير دهشتهم إلى حد كبير..
الشعب البريطاني يقال عنه أنه شعب فكاهي ، ولكنك – غالباً - سوف تحتاج أن تعيش معهم عشر سنوات على الأقل حتى تفهم دعاباتهم ، وتفهم الأسباب التى تجعلهم يضحكون على اشياء تبدو لك شديدة السخف.. والعكس صحيح ..لا تحاول إلقاء النكات والدعابات ذات الطابع العربي ، لأنهم عادة سيقابلون ماتقوله بنظرات حائرة مليئة بالدهشة وعدم الفهم !
لا تتحدّث مطلقاً طوال فترة إقامتك عن جنسيتك أو دينك.. هذه اشياء تثير استياء البريطانيين بينهم وبين بعضهم البعض ، فمابالك عندما تكون غريباً بينهم ، وتتحدث في هذه الأمور .. خاصة إذا كان فى أسلوبك نوع من التشدد.. فالمجتمع البريطاني منفتح على كافة الأجناس والعرقيات والاديان ، ولا يقبل بالحديث عن هذه الأمور ، التى يعتبرونها شديدة الحساسية والخصوصية ، وأن مجرّد الحديث عنها – دون أخذ إذنهم – يعتبر انتهاكاً فجاً لخصوصياتهم..
أخيراً :
في بريطانيا لا تشتكي من البرد ؛ لأن الشكوى من هذا الموضوع يعد سخفاً.. ولا تعلّق كثيراً على الضباب الذي تراه كثيراً فى كل صوب.. ولا تكثر الكلام حول اندهاشك لرؤية الشوارع شبه خالية بعد منتصف الليل فى أيام الأسبوع العادية – فيما عدا العطلات - .. هذه كلها من عناصر تكوين هذا المجتمع ، التى ستسوعبها سريعاً حتماً..
أو قل : يجب عليك أن تستوعبها بأي طريقة !
للمزيد من المعلومات :