تعتبر الفلسلفة أقدم العلوم التى عرفتها البشرية على مدار سنوات حضارتها المتراكمة والمتنوعة، وتمثل الفلسفة مراحل التطور الفكرى التى مر بها العقل البشرى فى مراحل إنتاجه للحضارة فى كافة صورها الفكرية، ومراحل تطور المعرفة الإنسانية التى أنتجها الإنسان منذ بدء الخلق حتى الآن. لذلك نجد الفلسفة وكتابات مفكريها الأوائل متداخلة فى كافة العلوم الإنسانية فى وقتنا الحالى، وقديماً عرفت الفلسفة بطلب المعرفة والكلمة يونانية الأصل تعنى طلب المعرفة، والفلسفة إرتبطت قديماً بجميع العلوم، وعلى الرغم أن المعنى الحرفى للكلمة معروف إلا أن الأجابة على سؤال ما هى الفلسفة يتطلب الخوض فى نقاشات فلسفية طويلة، وهذة هى السمة التى عرفت بها الفلسفة منذ القدم الميل إلى التساؤل والبحث والتدقيق فى كل شىء، وماهية أشكاله وطبيعته وقوانينه والتأمل والتدبر حتى إن البعض ذهب إلى القول بأن الفلسفة هى "التفكير فى التفكير" وقديماً أجاب أرسطو عن سؤال ماهية الفلسفة بأنها العلم الذى يرتبط بطبيعة وماهية الإنسان ورغبته فى المعرفة، ثم من هذا المنطلق تتابعت كتابات ونظريات الفلاسفة التى أثقلت التراث الإنسانى الفكرى فى كافة المسائل والأمور الفلسفية، مثل الوجودية والهدف من الحياة والبحث فى ظواهر الكون وأنماط التفكير والقيم المعنوية والإمور المادية والبحث فى الخالق ووجوده وعلاقته بالمخلوق ومروراً بالفلسفات العقائدية ثم وصولاً إلى الماركسية.
تعاقبت القرون وتناول المفكرين والفلاسفة العرب الفلسفة فى ضوء الثقافة العربية والإسلامية فنجد أن ابن خلدون يرى فى مقدمته الشهيرة أن الفلسفة علم تميز به عقلاء الجنس البشرى وأصحاب الفكر الراقى لكنه يرى أن البحث فى الفلسفة يستوجب الإلمام بالعلوم الشرعية نظراً لما ظهر فى فلسفات الأوائل من الفلاسفة من انحرافات فى العقائد الإيمانية. لأنهم يتناولوا الإمور من جهة السمع والمدارك العقلية، ووضع القوانين التى تقوم على العقل فقط، وإتفق ابن رشد احد رواد الفلسفة العربية مع ابن خلدون فى هذا الأمر، لذلك نجد أن أقرب معنى للفلسفة فى الثقافة العربية والإسلامية هى كلمة "الحكمة" والتى تعتبر المرادف الأكثر دقة للفلسفة، واستعملها الفلاسفة العرب والمسلمون فى إطار تناولهم الفكرى للفلسفة فى الحضارة الإسلامية خاصة عند الحديث عن التأمل الكونى أو البحث فى طبيعة الحياة، وعلى الجانب الأخر وبعيداً عن الإنحرافات العقائدية للفلسفة نجد أن بالعودة إلى تأثيرات الفلسفة فى مجتمعات الفلاسفة الأوائل كان واضح الأثر الإيجابى على تقويم تلك المجتمعات خلقياً وفكريا فالكتابات الفلسفية عن سقراط وأفكاره توضح أن نظام الحكم فى أثينا قد حاكمه بتهمة "الهرطقة" وتخريب عقول الشباب كما أن مناظرات سقراط الفلسفية بينه وبين أعضاء هيئة المحلفين يمكن أن نستنبط منها منهجاً تقويمياً للإخلاق يمكن تطبيقه فى وقتنا الحالى كبرامج إرشادية فى المجتمع، أو تطبيقه ضمن منظومة المؤسسات الإعلامية للإرتقاء بمنظمات إعلامية يتسم أدائها بالإنحدار والهبوط والتأثير السلبى على العقول. بالإضافة أيضاً إلى مؤلفات الفلاسفة ابن رشد وابن خلدون وأفلاطون وتوماس مور الذى ترك مؤلفه الشهير عن اليوتوبيا أو المدينة الفاضلة الذى يعد مرجعاً فى السياسة وأخلاقياتها وكتاب الجمهورية الفاضلة لأفلاطون الذى يناقش فكرة العدالة، ومفهومها، وكيفية تطبيقها الأخلاقى، والحاكم العادل أو الصالح، وتقسيم طبقات المجتمع بما يضمن العدالة الإجتماعية لكل طبقة؛ وهى كلها أفكار نحن فى أمس الحاجة إلى تفعيل تطبيقها كمخرج فكرى وثقافى للأزمة الفكرية والحضارية لكثير من المجتمعات العربية ودول العالم الثالث؛ ولماذا أصبحوا متخلفين عن ركب الحضارة والتقدم، وكيف نستلهم من التراث ما نستشرف به المستقبل.
إن دراسة الفلسفة فى الخارج تساهم فى إثرائك فكرياً بدرجة كبيرة لإنك ستتعرض إلى إنجازات الحضارة الغربية مع دراستك للفلسفة وكيفية توظيف تلك الدراسة كخطوة فى تقدم مجتمعك العربى، وفى ضوء الثقافة والتراث الشرقيين بعيداً عن فكرة الإقتباس من الغرب الشائعة. كما ستساهم الدراسة فى إخراجك من مرحلة الثقافة اللفظية إلى مرحلة الثقافة العملية التفصيلية الدقيقة، والخروج من ثقافة التنظير إلى ثقافة الشرح والتحليل، وكيف يمكن للفرد أن يعيش ثقافته، وكيف يمكن أن يطبق تراثه الحضارى الملىء بمبادئه وثوابته وقيمه وتقاليده بما يتلائم مع إحداثيات ومتغيرات العصر الراهن ويبنى على أساس هذا التطبيق وفى ضوء تلك الرؤية الفلسفية العملية عوامل نهضة مجتمعه وتحسين مستقبله. لذلك إذا كنت تنوى دراسة الفلسفة توقع أن تتعرض بالدراسة لتلك الموضوعات:
- تاريخ الفلسفة ورواد الفلسفة الاوائل أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو وديكارت وغيرهم
- طبيعة عمل العقل
- أسس التفكير السليم
- الحياة بطريقة سليمة
- أمور فلسفية مثل الوجودية وأصل الكون
- الفلسفات العقائدية
مجالات العمل المتاحة لخريجين دراسات الفلسفة هى مجالات تتسم بدورها الإرشادى فى المجتمع فمتاح لخريجين الفلسفة العمل فى وظائف بمنظمات المجتمع المدنى، أو العمل فى الوظائف الإرشادية، ووظائف التوعية فى وسائل الإعلام المختلفة، أو فى الصحافة، والعلاقات العامة، أو العمل فى الوظائف الإدارية الخاصة بقطاعات الأعمال الإجتماعية والثقافية أو فى الهيئات الثقافية الكبرى والتى تهدف إلى نشر الوعى والإرتقاء بفكر المجتمع، فضلاً عن ذلك فإن الفرصة متاحة أمام خريجين الفلسفة للإستمرار فى العمل الإكاديمى.
أخى الطالب للمزيد من المعلومات يمكنك مطالعة تلك الموضوعات ذات الصلة
برامج دراسية فى الفلسفة بجامعة كنت بالمملكة المتحدة
برامج دراسية فى الفلسفة بجامعة جيمس كوك بإستراليا