
الكثير من الطلاب – أو قل أغلب الطلاب – يلجــأون بعد التخرج للحصــول على فرص وظيفية مميـــزة ، فى الوقت الذي تلجــأ فيه شــريحة أخرى الى الالتـزام بإكمــال الدراسة الاكاديمية والانتقـال من مستــوى تعليمي معين الى مستــوى أكثر رقيــاً وتقدماً فى مجال الدراسة ..
الحقيقــة أنه – ورغم كونه الطــريق الاصعب والاطول - ، الا ان السعي فى هذا الطــريق يتيح لسـاليكــه فرصاً أكثر تميــزاً ، سواءاً على المستوى المهني الوظيفي أو الاكاديمي ، أو حتى الاجتمــاعي فيمـا بعــد..
وتأتى درجة الدكتوراة كأهم شهادة اكاديمية يمكن للطالب الاستفادة من خلالها بنواحي كثيرة وظيفية كانت أو أكاديمية .
الدكتوراة بصفة عامة هي عبارة عن شهادة مُعتمدة تُثبت اجتيازك لتدريب عملي ونظري مكثف ، واكتسباك خبرة كبيرة في موضوع معيّن متعلّق بأبحاثك ، نتيجة الدراسة المفصّلة والخبرة العملية والبحوث المتعمّقة ، التى تقودك الى مؤهلات احترافية مرتفعة في المجال الاكاديمي والوظيفي.
لذلك ، فان المهارات المطلوبة للتقدم لهذه الدرجة ، هي أكثر تطوراً بكثير من المؤهلات الاساسية المطلوبة مثلا في درجتى البكالورويس او الماجستير ؛ لأن درجة الدكتوراة تمثل اثباتاً لقمة الكفاءة المهنية والبحثية للحاصلين عليها.
النواحي المميــزة للحصـول على درجة الدكتــوراة :
- التمكن التام من الموضوع البحثي ، الى جانب المعرفة الأساسية بالنظريات والمفاهيم الاخرى المتعلقة بالتخصص بوجه عام.
- الكفاءة والتعمق في اجراء البحث ، والاستناد الى التجارب العملية والميدانية المبتكرة
- القدرة على آداء الأبحاث بطريقة مستقّلة ، والخروج أحيانا عن المألوف في إجراء البحث في مجال معيّن
- الفدرة على استنتاج النتائج وربطها ببعضها البعض بطريقة سليمة.
ومن ناحية المسارات الوظيفية :
درجة الدكتوراه تضعك بلا شك على الطريق الصحيح للوظائف الأكاديمية المختلفة ، ذات الصلة بتخصصك ، سواءاً في مجالى التعليـم أو الأبحاث... سوف تجد أن العديد من المحاضرين ورؤساء الأقسام في الجامعات لديك حاصلين على درجة الدكتوراه ؛ لأنها تمثل قمة المعرفة الأكاديمية.
ومع ذلك ، فكونك حاملا شهادة أكاديمية مرموقة مثل الدكتوراة لا يعنى أنه لن يكون لديك القدرة على العمل فى المجالات التجارية والصناعية المختلفة...فعلى العكس من ذلك تماما ، فالاحترافية والمهارات العالية التى ستنالها من خلال دراستك للدكتوراة ، وتعمقك فى الأبحاث والتزامك بمنهجية التفكير العلمي ، يجعل أصحاب الأعمال يتهافتون بشدة على الطلاب الحاصلين على هذه الدرجة ، لتدعيم مستوى القوى العاملة لديهم ..
الفرق بين درجتي الماجستير والدكتوراة :
كثيراً ما يتساءل الكثير من المهتمين بالدراسات العليا حول اوجه الخلاف الأساسية بين درجتي الماجستير والدكتوراة ، بإعتبار كليهما درجات أكاديمية قائمة على الأساس البحثي ، وأن الفروق بينهما غير كبيرة.
بداية ، درجة الماجستير هو مؤهل أقل من درجة الدكتوراة ، حيث تجعل هذه الدرجة الطالب يركز على دراسة منطقة معينة بطريقة أكبر ، ويمكنه الانتهاء من هذه الدراسة في سنة او سنتين فى حالة الدراسة كاملة الوقت ( Full Time ) في العــديد من الدول ، إلى جانب المشروع البحثي الذي يقدّمه ، والذي لا يتساوى – طبعا – بأي حال من الأحوال في نطاقه البحثي بالمشروع الذي يقدّمه خلال درجة الدكتوراة .
فالمعتاد أن درجة التركيز على الابحاث تكون أكبر بكثير في حالة شهادة الدكتوراة ، وكذلك الاطروحة الخاصة بالدكتوراة تغوص الى اعماق اكبر من التى يناقشها بحث الماجستير..لأنها تشمل تركيزاً أكبر ، وأبحاثا مفصلة بطريقة أدق أكثر من درجة الماجستير.
درجة أكاديميـة مميــزة .. ولكن !
الحصول على درجة الدكتوراة من الممكن أن يكون كافيا للغاية ومُرضيا لطموح الطالب الاكاديمي للحصول على أساسيات عميقة وقيّمة عن طريق المشاركة بالافكار مع الأفراد الذين لهم تفس المستوى الفكري ، والذين يشاركونك الإهتمام حول موضوع معين ..انها تزودك بتحديات عقلية تتيح لك أن تحقق أثراً عميقا فى مجالك البحثي.
ولكن يجب أن تضع في حسبانك أيضا :
أن التكاليف المادية المتزايدة لدرجة الدكتوراة ، والمتزامنة مع تفرّغك للدراسة وابتعادك عن سوق الوظائف ، سيؤثر حتماً على ميزانيتك وحياتك المالية ، إلا أنها – في نفس الوقت – تُعد ضمانا لاستثمار هائل فى المستقبل ، تدفع ثمنها بتقييد حاضرك جزئيا ، وربما انتكاسات مالية بسيطة ، يمكنك تجنّبها إذا كان خطّطت جيداً لمراحل دراستك ومتطلباتها المادية باستمرار.
وعلى الرغم أن حاملى الشهادات العليا لهم قيمة مضافة هامة للغاية ، بالنسبة لغيرهم من المتقدمين الى الوظائف ، إلا أنها في حد ذاتها لا تكفي " ومطلوب الى جانبها عامل الكفاءة العملية ، ومدي تطابق الدراسة العليا التى حصل عليها الطالب مع احتياجات العمل " ..كما يوضح " كارل جيلارد " المدير التنفيذي لرابطة دراسات التوظيف في إحدى تصريحاته.
وفي كل الحالات ، ومهما كان خيارك ، فيجب عليك أن تضع في حسبانك تماما ان درجة الدكتوراة سوف تتطلب منك ساعات طويلة من العمل الشاق ، وسوف تقضى حوالى ثلاث سنوات من عمرك في دراسة موضوع معين ، لذلك يجب أن تتأكد تماما انك مؤهل ماليا ونفسيا لهذه الخطوة الفارقة في حياتك.
لا يوجد سبب واحد يدعو للتراجع عن التقدم لهذه الدرجة ، إذا كنت مستعدا وقادرا على ذلك ، فحصولك على هذه الدرجة سيجعل منك خبيراً حقيقيا فى المجال الذي ترغب فى الدراسة به ، سواءا اذا رغبت فى اكمال المسيرة الأكاديمية ، او استغلال هذه الدرجة لمسار وظيفي مبهر .