
تجربة اللجوء وترك الوطن والأهل ومفارقة التاريخ والذكريات من التجارب الصعبة بالتأكيد التي تسهم في تغير شخصية الأفراد، هي بمثابة نقطة لنهاية حياة وبداية سطر جديد بل صفحة في العمر في مكان جديد، تبني من البداية فيه حياتك وعمرك ولكن هذه المرة باختيارك، لذا تعد من التجارب التي تثقل الشخصيات التي غامرت وقامت بها، لذا نحاول هنا أن نلقي الضوء على خمسة شخصيات من اللاجئين الذي نجحوا في الخارج في بناء حياة جديدة.
مأمون طاهر
بدأت رحلة نجاحه من بلده الأصلي سوريا عندما تخرج من كلية هندسة علوم المواد الهندسية بجامعة حلب عام 2007 لينال بعدها درجة الماجستير في الهندسة الطبية الحيوية عام 2009 من الجامعة ذاتها.
بداية اللجوء والدراسة في الخارج
اضطر طاهر بعد ذلك للجوء والسفر إلى السويد وحصل على منحة إيراسموس موندس الأوربية لدراسة الماجستير في علوم المواد الهندسية المتقدمة في جامعتي سارلاند في ألمانيا ولوليو التقنية في السويد والمعهد الملكي للتكنولوجيا KTH في جامعة غينت البلجيكية.
حصل طاهر درجة الماجستير الأوروبي المشترك والزمالة ما بعد الدكتوراة في معهد أنغستروم للتكنولوجيا بجامعة أوبسالا ومركز أبحاث شركة ABB الرائدة في مجال الطاقة والروبوتات الصناعية في مدينة فيستروس السويدية
نال مأمون جائزة الملك كارل غوستاف السادس عشر للعلوم والتكنولوجيا السويدي لعام 2019 كصاحب أفضل بحث علمي له تأثير إيجابي على تطوير الحضارة الإنسانية، وذلك عن أبحاثه الخاصة في تطوير مادة "الغرافين" الكربونية وتطبيقها في صناعات مختلفة، ليصبح أول باحث عربي على الإطلاق يحصل على هذه الجائزة.
بعد هذه النجاحات مازال طاهر يحلم بالحصول على جائزة نوبل كحلم، ويتمنى تأسيس مجموعة بحثية مميزة من الأوائل على مستوى العالم، وأن يكون لديه فريق مميز من الباحثين، وأن يتمكن من تخصيص جزء من وقته للعمل الإنساني ومساعدة ودعم الأشخاص الذين يستطيع دعمهم من خلال تأسيس جمعية أو ناد يقوم بنشاطات تطوعية وليست ربحية.
مناف الحبال
مناف لاجئ عراقي قدم إلى ألمانيا في مقتبل العمر بعدما تقطعت به سبل الأمل في العراق، ليصبح بعد سنوات طويلة من ألمع الأسماء في قطاع الصناعة الألماني.
بدأت رحلة مناف في سن الـ 19 وعند وصوله إلى ألمانيا مكث الشاب 10 أيام في مطار فرانكفورت، أجرت الشرطة الألمانية معه عدة تحقيقات، استمر بعضها 10 ساعات متواصلة، بعدها أرسل إلى ملجأ في قرية صغيرة في جنوب غرب ألمانيا، وعمل كمساعد بناء ومساعد حارس بأجور قليلة في الساعة ليحصل على بعض المال لشراء الكتب.
بعد أربع سنوات من قدومه إلى ألمانيا بدأ مناف بتعلم اللغة الألمانية على نفقته الخاصة والعمل على معادلة شهادة الثانوية، ثم راسل العديد من الجامعات الألمانية للاستفسار عن الدراسة والشروط المطلوبة ليبدأ الدراسة لاحقاً.
درس علم الأحياء بدلًا من طب الأسنان الذي كان يطمح لدراسته، ثم أعجب كثيرًا بمجال الكيمياء الحيوية، وقرر التخصص بها بعدما كان فاقدًا للأمل بالكلية أن يستكمل دراسته في يوم من الأيام.
بدأ مشروعه في إعداد المستحضرات الخاصة بالعناية بالشعر بـ 150 يورو فقط، وبعدها بحث على وسيلة أخرى تتيح له الاستمرار في مشروعه وقام بالاطلاع على تسويق المنتجات عن طريق الأنترنت، ليبدأ التفكير بتأسيس علامة تجارية خاصة به.
بعد الدراسة والبحث استطاع مناف تأسيس علامة تجارية خاصة به مستفيداً من تجاربه السابقة في التسويق الإلكتروني وفي عمله في شركة مواد تجميلية
أطلق مناف على العلامة التجارية اسم Dr. Schedu Berlin يجمع الاسم بين الحضارة الآشورية، واسم ثورها المجنح، والعاصمة الألمانية، برلين.
أحمد عسكر
حرص على تطوير مهاراته في هذه الرياضة ولم يكن هناك اتحاد لها في اليمن وكان يوجد مدرب في مدينة الحديدة، كان يسافر له للتدريب.
لكن تأتي الرياح بما لاتشتهيه السفن، بعد بداية تحقيق حلمه، اشتعلت الحرب في اليمن وتوقفت الرياضة والأندية بالكامل في اليمن، وأصيب باكتئاب شديد، فبعدما تحدّيه الجميع رغم ضعف الإمكانيات في بلده ليمارس رياضته المفضلة ويحقق حلم الطفولة لديه، توقف كل شيء.
حتى جاء له أمه وأخبرته بأن يبيع ما تبقى لديها من ذهب ليسافر ويهاجر ليحقق حلمه في الخارج بعدما قضت الحرب على أحلامه، ليتخذ كوريا وجهته، ويبدأ في تحقيق النجاحات ليصبح بطل كوريا الجنوبية في الكيك بوكسينغ.
واجه العديد من الصعوبات ولعل أبرزها عند وصوله لكوريا الجنوبية ورفض الفنادق منحه غرفة، مما اضطره للنوم في الحدائق العامة، وزاد إحساس الحزن بداخله لشعوره بعدم تقبل المجتمع الكوري له.
وعندها فكّر في العودة لليمن مرة أخرى، فأرسل لوالدته وأخبرها أنه تعب ويريد العودة، كان ردّها مزيدًا للدعم له، يا ابني إنت فتحت الباب وبدأت فلا ترجع.
أهم إنجازات أحمد عسكر
حصل على حزام البطولة في بطولة المحترفين في ماليزيا، وبطولة سوبر كوريا، وبطولة الأبطال في كوريا الجنوبية، وبطولة كوريا الجنوبية للمحترفين.
شارك في بطولة آسيا للصالات المغلقة في إنشيون كوريا الجنوبية2013 وبطولة العرب السابعه في المملكة المغربية 2014، بطولة الجمهورية اليمنية بطولة العرب للمواي تاي في أبوظبي2019.
زاهية المصري
أول لاجئة فلسطينية تخوض انتخابات البرلمان الكندي، حيث مثلت الحزب الديمقراطي الكندي في الانتخابات الفيدرالية، بمدينة مونتريال، كبرى مدن مقاطعة كيبيك، ومع هذا الترشح أصبحت زاهية أول لاجئة فلسطينية تترشح لانتخابات البرلمان الكندي.
ولعل من أبرز أسباب تأهلها لهذا الترشح معرفتها الدقيقة بأحياء هذه الدائرة وشوارعها عن ظهر قلب، ففيها استقرت مع أهلها وفيها ترعرعت ولا تزال تقيم.
حصلت زاهية على ماجستير في الإدارة العامة وخاضت غمار الانتخابات كمرشحة وكانت قد هاجرت مع عائلتها من لبنان إلى كندا قبل 35 عاما، بسبب الظروف آنذاك، لكنّها لا تزال تحمل وجع اللّجوء، وتعتبر أنّ هذا الأمر أسهم في تعزيز وتكوين شخصيتها؛ تاريخ الإنسان جزء من هويته.
أفين قدري
لاجئة سياسية عراقية وصلت إلى هولندا في عمر صغير منذ ما يقرب من عشرين عامًا، قضت سنواتها التسع الأولى في مركز إليكوم اللاجئين في هولندا، على الرغم من الصعاب التي واجهتها في الصغر لم تكن تعلم أنها ستحقق حلمها وتدرس الطب بل تحصل على جائزة إيكو
تحلم بأن يكون للجميع الحق في الحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجها دون النظر عن خلفيته، وتتمنى أن يكون هناك مساعدة طبية للجاليات المختلفة بمختلف اللغات.